ثقافة ود الرضى
كان سؤالنا للاستاذ الطيب عن مفردة الشاعر وثقافتة العظيمة فى وقت لم يكن التعليم متاحا فعلق الاستاذ الطيب ان بلدتى العيلفون وأم ضوابان هى بلاد ثقافة وحضارة وان شاعرنا إمتلأ بالنفحة الصوفية وقد حفظ القرآن وكسب ذخيرة لغوية ثرة وعرف أنواع البلاغة والمعروف أن الصوفية هم أهل ادب وشعر ومنطقة شرق النيل تذخر بالدوبيت والمسادير وايضا كان ود الرضى يترد على الشيوخ الذين يدرسون الفقة والسيرة والحديث لذا تجد الاثر الدينى واضحا جدا فى شعر ود الرضى كقولة
ما تنفس صبح او ضحالى
إلا غاب هدهد فكرى وحالى
قال لى قربك عين عين المحال
فالآية ( والصبح اذا تنفس ) شكلت وجدان ود الرضى وقصة الهدهد الذى غاب فى قصة سيدنا سليمان والاثر القرآنى عميق جدا فى شعر ود الرضى وفى أكثر من موضع سواء كان فى المدح او النسيب او الغزل او الرثاء والهجاء كقولة
شوفتك حالية وبيها يحظى جنانى
زى ريحة قميص الخشا بير كنعان
مكتوب فى جبينك بى حبر سلطانى
عشرينين وواحد واربعة ومئتان
والبيت الاخير هو ترتيب حروف ابجد هوز بالارقام والتى غالبا ما تستعمل للتصريح باسم الشخص تسترا وشرينين تعادل اربعين وهو حرف الميم وواحد هو حرف الالف واربعة تعادل حرف الدال ومئتان حرف الراء وهى كلمة مادر وهو من ابخل العرب حيث شبة ود الرضى المحبوبة ببخل الوصل كذلك الذى يدعى مادر ويضيف الاستاذ الطيب الرضى ان شعر ود الرضى لم ياخذ حظة من التمحص والعرض رغم اننا وفرنا واودعنا جزء كبير من شعرة للمكتبات
بين اسماعيل حسن وود الرضى
عندما هاجم اسماعيل حسن شعر الحقيبة واتهمة بعدم المواكبة وهاجم الشاعر ود الرضى وطلب أن يركن شعره الى الرف لأنة اصبح غير مواكبا رد علية ود الرضى قائلا
صحيح كبرت لكن خيالى شاب
وجوادى فوق للنجمة شاب
محبوبى لامن شنبى شاب
ما نبشتو بى نشاب مشاب
ويقصد قصيدة أسماعيل حسن (خدعوك وجرحو سمعتك) وفى السينات كان ود الرضى يرد اسبوعيا على اسماعيل حسن بقصيده كقولة
شاعر ضيعوك شلنا النقط من شينك
عضيت اصدقاك الكان مغطين شينك
آلوك أظهروك قبال يتم تدشينك
أيه وداك لى شعر الحقيبة تشينك
الى قولة
الحقيبة ما بتمدح دعارة ولا المحبة المستعارة
الاغانى المفضوح شعاره الحقيبة كاشفا عارة
وحتى يبين ود الرضى ان شعر الحقيبة ليس قديما كتب قصيدة فتاة اليوم وفيها يقول
شوف فتاة اليوم حلاتا
ربى زيد ريدا وغلاتا
مهماتا يا اسماعين تلاتا
مكتبا وبيتا وصلاتا
وانا وجدتها بخط يدة والحديث للاستاذ الطيب الرضى مكتوبة (مهماتا يا اسماعين تلاتا ) ولكن عندما تغنى بها بادى وخلف الله حمد عدلت الى( مهماتا يا خلاى تلاتا )
وتحدثنا الى الاستاذ الرضى عن ان بعض الشعراء اعابو على ود الرضى تصوير المحبوبة فى قصيدتة المشهورة
انا فى التمنى ديمة هديلى ساجع
ما لقيت لى مغبث وما لقيت لى مراجع
الى ان يقول
داير اشوفوا غافل داير اشوفوا جادع
يتغطى بسواعدو وبى طرف المضاجع
هذه القصيدة لم تكن سوى امنية من الامانى التى يرى ود الرضى انها مستحيلة التحقق لما لفتاتة من عفاف وهو تصوير حسى برع ود الرضى فى اظهار ملكاته التصويرية فية بنظرة جمالية كما امتدح النابغة الظبيانى ووصف المتجرده فة فصيدته المشهورة
سقط النصيف ولم ترد إسقاطة فتناولته واتقتنا باليد
فهل كانت المتجردة غانية وهى زوجة الخليفة لايعاب على ود الرضى التصوير الجمالى وهو الذى تغنى للفضائل والثوب السودانى الساتر انظر قولة
البسى توبك الشئ اليسير يلفتنا
يالكلك محاسن وكل قامتك فتنه
انت عروض رجال ونحن الرجال بصفتنا
نحب التوب وست التوب مقدرة كلما وافتنا
اوعك تمشى كاشفة معريات كتفاتك
وتراقيك ومرافقك يكون رشادك فاتك
شرى التوب عليك ونومى فى غرفاتك
ان شاء الله العافية دايما مهدك ولحفاتك
الى أن يقول
الجسم المثل ناعم الحرير الهندى
بى دم الصبا وروح الملاحة بيندى
وجوز رمانك الكاتلابو كل أفندى
الرسول غتيهو يابت القادة فرسان شندى
أغنيات للوطن
وماذا عن الشعر الوطنى عند ود الرضى ..فيبادر الاستاذ الطيب قائلا
كتب ود الرضى رائعة خلف الله حمد
يوم الملاحم لينا عيد
ميتنا فى الميدان شهيد
بشرانا بالعهد الجديد
نيلنا ازرق ونحنا سود
وصغيرنا يحتقر الاسود
وغنى ود الرضى لأكتوبر ونظم للازهرى وكتب قصيدة للسيد عبد الرحمن رغم انة لم يكن من حزب الامة وكتب فى ارض السودان
سوداء الاديم زرقاء الخضم خضراء البطاح
لكم انجبت بدرا شارقا وضاح
ها اقمار مساك وها نهارك ضاح
وفردوسك تنفس وها بلبلك صداح
وكتب قصائد مناهضة للاستعمار وسجن بسببها وعذب خاصة عندما نظم قصيدة وداع للجيش المصرى والذى كان مساندا لثورة اللواء الابيض وفيها يقول
يا حليل الجيش الرحل
كان قريب اصبح فى زحل
وغناها سرور فى حفلاتة وسجن بسببها ايضا ولكن للاسف لم نجد النص كاملا
مركز ود الرضى الثقافى
سألنا عن تكريم الشاعر الكبير وما قدم لاجل ما قدمة من عطاء فأجابنا الاستاذ الطيب بان هناك مركزا ثقافيا فى ام ضوابان يحمل اسم مركز ود الرضى الثقافى بنى بالمجهود الذاتى والمتبرعين بالمواد العينية وقام صرحا عظيما وافتتح رسميا فى عام 2004 بحضور الوزير هاشم هارون والذى تبرع بتشيد سور المركز كاملا وشارك المركز فى كل فعاليات الخرطوم عاصمة الثقافة العربية فى عام 2005
الاخوانيات عند ود الرضى
كتب ود الرضى للمحبوبة وفى المدح وللوطن وفى الاخوانيات والاصدقاء وكان يعتز باصدقاء كثر منهم محمد ود خالد وود الحنان ومحمد بركات والد الفان احمد المصطفى وخليفة الامين والد الفنان سيد خليفة وحمد ود بدر والد الفنان خلف الله حمد واشهر قصيدة له فى الاخوانيات قصيده العمده طة الذى سمع عنه فقط وعن خصاله كتب مادحا
تعال بالفنجرى بى سيرتو النتحاجا
الولد الفى ليالى الحوبه بقضى الحاجة
ضباح اللباح عندو الدعول مو حاجة
طوّال ايدو للناس الزمانا احاجا
فوصلت القصيده الى العمده طة الذى اهاه جواد اصيلا استكثرة الناس على ود الرضى وطلبوا ابدال الفرس بالمال وجمعوا مالا وفيرا حتى لا يهدى الفرس وقال العمده طة قولتة المشهورة
-على الطلاق الحصان يمشى والقروش تمشى علوق للحصان
ولجمال وكمال الفرس اراد عمدة السريحة ان يشترية من ود الرضى فحل ضيفا علية وطلب شراؤة فوافق ود الرضى وسال عن السعر الذى يريده فية فاجابة ود الرضى
سعرو ان تكلفة جيدا ولاتتركة مع الهوام وكتب للعمده طه يعتذر على بيعة الحصان قائلا
انا ما مدحتك لأجل عطية
ولكنت ضجران من صديقى عطية
ربك ذو كرم ومكارمو ميها بطية
لكن رأيت عدم الحميده خطيه
الى ان يقول
رفع الله قدرك قدرى غاية رفعتو
نفاع العباد كم كم خلافى نفعتو
طغيت لما امتطيتووالقرن رفعتو
فتدبرت كلا إن خشية دفعتو
وكلا إن يقصد بها قولة تعالى كلا إن الانسان ليطغى
ود الرضى وست البيت
يروى الاستاذ الطيب الرضى عن حياة والده انة تزوج مرتين الزوجة الاولى كانت من قرية تدعلى الحويلة جنوب ام ضوابان ولم يثمر هذا الزواج وتزوج عام 1930 من السيدة بتول وهى والدتى ولها من الابناء اخى الرضى وشخصى ومن البنات الرحمة والدلسة وعاش معها الى توفت فى الخمسينات ولم يتزوج بعدها وقد كتب فيها العديد من القصائد اشهرها ست البيت والتى مطلعها
ست البيت بريدا براها
ترتاح روحى كل ما أطراها
الى ان يقول
لو كان يوم حبيب واصلى بالكرم العريض توصلى
معاها خلاف قط ما حصلى بس ازعاجها لى قوم صلى
وغنى لها
المرنوعة زى شمس الغمام فى طلوعها
وارخ للتبكير بالبنات وتمنى ان يبكر بالنية حتى قبل ان يتزوج وكتب يقول
يا مولاى زوجة يكون شلوخها تلاته
الاتنين نبكر بالبنية حلاتها
الى أن يقول
تعفف من الارض ان بقت دلوها
ماحت جاى وجاى من الدفاق تكلوها
بى الرضاع والمسك وعقد الجلاد جلوها
هى لى اللليلة منية اتشهدوا بتاكلوها
وكان ود الرضى يكتب الشعر ليلا وحول سريرة ويدونه فى الصباح عند استيقاظه
لحظاته الاخيرة
ود الرضى تعرض لحادث سقوط فى المسجد فى عام 1973 واصيب بكسر فى الترقوة عالجه الشاعر والاعلامى عمر الحاج موسى وكان وقتها وزيرا للثقافة حيث مكث فى المستشفى ثلاثة اشهر وقبع بعدها فى غرفته فى المنزل حيث كان منزله قبلة للشعراء والاهل والاصدقاء ويروى الاستاذ الطيب الرضى اخر زيارة حيث رفض الشيخ ود الرضى ان يتناول طعاما او شرابا فى صبيحة يوم الجمعة فجائه العبادى وعبيد عبد الرحمن وعبد الله الماحى وعتيق ومبارك المغربى فلما حضر هؤلاء الشعراء والحديث للاستاذ الطيب ايقظته وقلت له "يابا ناس العبادى ديل جوك " هنا تذكر الاستاذ الطيب الرضى وتمتلئ عيناه بالدموع وهو يحكى قائلا"هب والدى من رقدته وهو يصيح اهلى جواهلى جو" وفوجئنا به ياكل ويشرب معهم وهو يضحك ويتبادلون الشعر ولم تمضى ايام على تلك الزيارة حتى توفى عام 1982 .
__________________
منقوووووووووووووووووووووول للاهميه